رأيته في دار العجزة.. يجلس على كرسيه مطرقاً ويبكي.. أقبلت نحوه.. فرمقني بنظرة.. و..!!:
وشيخاً حائراً أبصرت يوماً ..
كسيراًً، قد جَفَا الدنيا ونَاحا
تُغالب عينَه العبراتُ حرَّى ...
يناجي الدمعَ قد نَسِيَ المِرَاحا
فأبصرني وفي عينيه برقٌ ...
فشقَّ الهمُّ قلبي واستباحا
فقلت ومقلتي سكبت دموعي: ...
رويدك والدي خلِ النُّواحا
فقال: طُرِدت من بيتي ذليلاً...
وأبنائي هنا ظنوا الفلاحا
فلا إبنٌ هنا اهديه عمري...
ولا بنتٌ لها أهدي المزاحا
فقلت مسلياً: تفديك نفسي...
فلا تلبس من الهم الوشاحا
فخالَطَتِ ابتسامتُه دموعاً...
ظَنَنْتُ الحزن قد ولّى وراحا
وقال وقد تلعثم في سؤالٍ : ...
أحقاً قد محا الظلم الصباحا؟!
أحقاً لن يعود إلي زيدٌ ...
يقبلني؟!! لمن أشكو الجراحا ؟!
و هندُ هنا يراوحني صداها:...
(أيا أبتاه)... تغمرني امتداحا!!
أناخوا للعقوق رقاب ذلٍ...
إلى قلبي يزفون الرماحا
أأرسلُ للإله سهامَ ليلٍ...
وإذ كان الدعاء لهم متاحا؟!!
فقلت: كفاكَ ألهبْتَ الحنايا...
بهمٍّ فاض منتشياً ولاحا
فقال: الظُلم يا ولدي مريرٌ...
ووَدَّعَني بدمعٍ واستراحا!!.